مسودة مراجعة نحو2 ـ انتساب

مسودة مراجعة

مادة نحو2 (عرب 212)

انتساب

تنبيه:
هذه المسودة للمراجعة فقط، ولا تغني عن الكتاب المقرر

1433/1434هـ


كان وأخواتها

تعريف: تعرف كان وأخواتها بأنها ناسخة، ويقصد بالنواسخ لغة : إزالة الشيء، ونسخه .

واصطلاحا : ما يدخل على الجملة الاسمية من الأفعال فيرفع المبتدأ، ويسمى اسمه ، وينصب الخبر ويسمى خبره، وهي بذلك تحدث تغييرا في الاسم ، وفي حركة إعرابه.

وتعرف أيضًا بالأفعال الناقصة؛ لأن كل منها يدل على معنى ناقص لا يتم بالمرفوع كالفاعل، بل لا بد من المنصوب. 

اسم كان وأخواتها

 تعريفه: هو كل مبتدأ تدخل عليه كان، أو إحدى أخواتها.

حكمه: الرفع دائمًا. نحو: كان الجو صحوًا، فـ "الجو" اسم كان مرفوع بالضمة، و"صحوًا" خبرها منصوب بالفتحة، ومنه قوله تعالى: { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا }، وقوله تعالى: { كَانَ أَكْثَرُهُم مُشْرِكِينَ }.

أقسام كان وأخواتها من حيث شروط العمل.

تنقسم كان وأخواتها إلى قسمين:

الأول: ما يرفع المبتدأ بلا شروط، وهي:  كان ـ ظل ـ بات ـ أضحى ـ أصبح ـ أمسى ـ صار ـ ليس

الثاني: ما يرفع المبتدأ بشروط، وينقسم إلى قسمين:

1_ ما يشترط في عمله أن يسبقه نفي أو شبهه، وهي:  زال ـ برح ـ فتئ ـ انفك

ويكون النفي إما لفظًا. نحو : ما زال العمل مستمرًا. ومنه قوله تعالى: { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ }.

أو تقديرًا، نحو قوله تعالى: { تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ }، أي: لا تفتأُ.

وشبه النفي: النهي، نحو: لا تزل قائمًا، ومنه قول الشاعر:

                       صَاحِ شَمِّرْ وَلاَ تَزَلْ ذَاكِرَ الْمَوْ   تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلاَلٌ مُبِينُ

الشاهد في البيت قوله: لا تزل، فقد سبقت “ تزل “ بلا الناهية الجازمة، وهي تفيد شبه النفي.

ومن شبه النفي: الدعاء، نحو: لا يزال الله محسنا إليك.

2_ ما يشترط في عمله أن تسبقه "ما" المصدرية الظرفية، وهو الفعل "دام"، نحو قوله تعالى: { وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا }، فـ "ما" مصدرية ظرفية؛ لأنها تقدَّر مع فعلها بالمصدر، وهو الدوام، وتفيد الظرف وهو المدة، والتقدير: مدة دوامي حيا.

أنواع كان وأخواتها من حيث التمام والنقصان

كان وأخواتها على نوعين: الأول ما يكون تامًا وناقصًا. والثاني: ما لا يكون إلا ناقصًا.

الأول: ما يكون تامًا وناقصًا:

فالفعل التام هو: ما يكتفي بمرفوعه، نحو قوله تعالى: { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }، فـ "ذو" في الآية فاعل "كان" مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة.

والأفعال التي تستعمل تامة، وناقصة هي:

كان ، أمسى ، أصبح ، أضحى ، ظل ، صار ، بات ، مادام ، ما برح ، ما انفك .

وهذه أمثلة لبعض الأفعال في حالتي النقصان ، والتمام .

الأفعال الناقصة

الأفعال التامة

1 ـ أمسى القمر بدرًا                     

قال تعالى: { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ }

2 ـ قال تعالى: { أَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا }

قال تعالى: { وَحِينَ تُصْبِحُونَ }

3 ـ قال تعالى: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا

لو ظلت الحرب لأدت إلى الفناء

4 ـ صار العنب زبيبًا                    

قال تعالى: { أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ }

5 ـ ما دام الأمر معلقًا               

قال تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}

6 ـ ما مبرح المسلمون يجاهدون في سبيل الله

قال تعالى: { فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ }

7 ـ ما انفك الطالب مواظب على درسه

انفكت عقدة الحبل

 

الثاني : ما لا يكون إلا ناقصًا

الفعل الناقص لا يكتفي بمرفوعه، بل يحتاج إلى متمم وهو الخبر، وهذا النوع من الأفعال هو:

فتئ: نحو: ما فتئ المؤمن ذاكرًا ربه .

ليس: نحو قوله تعالى : { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا }. 

زال التي مضارعها يزال: نحو قوله تعالى: { لاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }.

أما زال التي مضارعها يزول فتأتي تامة، ولا تكون ناقصة، نحو: زالت الشمس، وهي حينئذ بمعنى تحرك، أو ذهب، أو ابتعد، ومنه قول كعب ابن زهير :

                     زالُوا فَما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفُ         عِنْدَ اللِّقاءِ ولا مِيْلٌ مَعَازِيْلُ

فـ " زال " في البيت تامة بمعنى " انتقل "، وفاعل زالوا "واو الجماعة "، وفاعل فما زال " أنكاس " .

وتأتي زال التامة بمعنى "ميز"، نحو : زال الراعي غنمه من غنم أخيه، ومضارعها في هذه الحالة "يزيل" .

ومن معانيها: نحى ، وأبعد، وهي باختصار تفيد: الذهاب، والانتقال.

كان وأخواتها من حيث الجمود والتصرف

تنقسم كان وأخواتها من حيث الجمود والتصرف إلى قسمين:

1_ قسم جامد لا يتصرف مطلقًا، ولا يكون إلا في صيغة الماضي وهو: ما دام الناقصة، وليس.

أما دام التامة فيؤخذ منها المضارع، والأمر، فالمضارع "يدوم" نحو: لا يدوم إلا وجه الله، والأمر "دم" نحو: دُم في عملك حتى حين.

2_ قسم متصرف، وينقسم بدوره إلى نوعين:

أ_ ما يتصرف تصرفًا ناقصًا، فلا يؤخذ منه إلا الماضي والمضارع واسم الفاعل، وهو: زال، فتئ، برح، وانفك.

مثال ماضي زال، قوله تعالى: { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ }. ومثال المضارع، قوله تعالى: { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ }. ومثال اسم الفاعل، قول الحسين بن مطير الأسدي:

                    قَضَى اللهُ يَا أَسْمَاءُ أَنْ لَسْتُ زَائِلاَ        أُحِبُّكِ حَتّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ

الشاهد في البيت قوله : زائلا، وهو اسم فاعل من زال الناقصة، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا

وجملة أحبك في محل نصب خبره.

ومضارع فتئ: يفتأ، نحو قوله تعالى:{ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ }، واسم الفاعل: فاتئ. نحو: ما فاتئ المصلي قائمًا.

ومضارع برح: يبرح، نحو قوله تعالى:{لَن نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ}، واسم الفاعل: بارح. نحو: ما بارح محمد مسافرًا.

ومضارع انفك: ينفك. نحو: لا تنفك الحرب قائمة، واسم الفاعل: منفك. نحو: ما منفكة جهود السلام متعثرة.

ب_ ما يتصرف تصرفًا تامًا ، وهو بقية أخوات " كان ".

مثال المضارع، قوله تعالى: { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }.

ومثال الأمر قوله تعالى: { كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ }.

واسم الفاعل: محمد كائن أخاك.

 

حكم اسم كان وأخواتها، وخبرهن من حيث التقديم والتأخير

أولا ـ حكم الاسم :

لا يجوز تقديم اسم كان وأخواتها عليها؛ لأنه بمنزلة الفاعل من الفعل، فإذا تقدم الفاعل على فعله أصبح مبتدأ، نحو: محمد قام، وكذلك إذا تقدم الاسم على الفعل الناسخ أصبح مبتدأ، نحو: أحمد كان مسافرًا، وعليّ أصبح متفوقًا .

 

ثانيا ـ حكم الخبر من حيث التقديم والتأخير

لخبر الأفعال الناسخة ست حالات:

1 ـ وجوب التأخير عن الاسم:

أ ـ  إذا كانا متساويين في التعريف وخشي اللبس  بينهما، نحو : كان محمد صديقي، وأصبح يوسف جاري.

فإذا قدمنا خبر كان، أو إحدى أخواتها في هذه الحالة على الاسم صار الخبر هو الاسم، والاسم هو الخبر لذا وجب التأخير.

ب ـ يجب التأخير إذا كان الخبر مقصورًا على المبتدأ بـ " إلا " المنفية، أو بإنما، نحو: ما كان القائد إلا صديقًا لجنوده، ونحو: إنما كان القائد صديقًا لجنوده.

2 ـ وجوب التقديم على الاسم ليس غير، وذلك إذا كان في الاسم ضمير يعود على بعض الخبر شبه الجملة، مع وجود ما يمنع تقدم الاسم على الحرف المصدري " أن "، نحو: سرني أن يكون في المنزل أصحابه.

فلا يصح أن نقول: سرني أن يكون أصحابه في المنزل. لئلا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، كما لا يصح تقديم الاسم على " أن " لئلا يلزم تقديم معمول الصلة على الموصول.

 3 ـ جواز تقديم الخبر:

أ ـ جواز تقديم الخبر على الاسم، وذلك إذا أمن اللبس بأن كان الخبر نكرة والاسم معرفة، نحو قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }، فـ " حقا " خبر كان تقدم على اسمها " نصر " المعرف بالإضافة.

ب ـ جواز تقديم الخبر على الفعل الناسخ واسمه، نحو: مبالغًا كان محمد في حديثه، وعلة التقديم ترجع إلى: جواز تقديم معمول الخبر على العامل، كما في قوله تعالى: { وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ }، فـ " يظلمون " في محل نصب خبر كان، وأنفسهم مفعول به ليظلمون، وقد تقدم المفعول به على كان العاملة النصب في الخبر “يظلمون“ فمن باب أولى أن يتقدم الخبر على الفعل الناسخ.

4 ـ يجب تقديم الخبر على الفعل الناسخ واسمه؛ إذا كان الخبر من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الاستفهام، والشرط، وكم الخبرية، نحو: أين كان والدك، ومن كان يحترمك فاحترمه، وكم طالب كان رسوبه بسبب الإهمال. ويستثنى في هذه الحالة من الأفعال الناقصة " ليس "؛ لأن خبرها لا يجوز أن يسبقها على الوجه الصحيح.

5 ـ وجوب التقدم على الفعل، واسمه، أو التوسط بينهما، وذلك إذا كان الاسم متصلا بضمير يعود على بعض الخبر، ولم يكن ثمة ما يمنع من التقدم على الفعل. نحو: كان في الحديقة زوارها، وأمسى خادمَ فاطمة زوجها، بنصب " خادم " على أنه خبر أمسى مقدم عليها.

6 ـ ويمتنع تقدم الخبر على الفعل واسمه، غير أنه يجوز التوسط بينهما، أو التأخر عنهما؛ وذلك إذا كان الفعل مسبوقا بأداة لها الصدارة في الكلام، ولا يجوز الفصل بين الأداة، وبين الفعل. نحو: هل صار العجين خبزًا؟، فلا يجوز تقدم الخبر على " هل "؛ لأن لها الصدارة، فلا يصح أن نقول: خبزًا هل صار العجين، ولا على " كان " لئلا نفصل بين هل والفعل، فلا يصح أن نقول: هل خبزًا صار العجين؟، ولكن يجوز أن نقول: هل صار خبزًا العجين؛ لعدم وجود المانع من التوسط.


الحروف النافية المشبهة بليس

("ما" النافية، "لا" النافية، لات، إنْ)

 

أولا : ما النافية .

 تنقسم " ما " النافية إلى قسمين:

1 ـ ما النافية التي لا عمل لها، ودخولها على الجملة لا يؤثر فيها، وسبب عدم عملها؛ أنها أُهملت إهمال ليس عند الكوفيين، ولا يختص دخولها على الأسماء، وإنما تدخل على الأسماء والأفعال على حد سواء.

مثال دخولها على الأسماء: ما أخوك قائم، وما عمرو مسافر، فأخوك مبتدأ، وقائم خبره.

مثال دخولها على الأفعال الماضية: قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَت تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}، وقوله تعالى: {مَا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ}، وقوله تعالى: { وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }.

ومثال دخولها على الأفعال المضارعة: قوله تعالى: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ }، وقوله تعالى: { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ }، وقوله تعالى: { مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ }.

2 ـ ما النافية العاملة، والتي يختص دخولها على الأسماء، وتعمل عمل ليس؛ لأنها تشبهها في نفي الحال عند الجمهور، نحو قوله تعالى: { مَا هَـذَا بَشَرًا }، وقوله تعالى: { مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ }.

 

شروط عملها :

تعمل ما النافية بشروط هي:

1 ـ ألا يتقدم خبرها على اسمها. إذ لا يصح أن نقول: ما مسافرًا زيد.

2 ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة، نحو: ما في الدار أحد موجودًا. ولا يصح أن نقول: ما عمله محمد مشكورًا.

3 ـ ألا تقترن بـ " إنْ " الزائدة، فلا يجوز أن نقول: ما إن زيدٌ مسافرًا.

4 ـ ألا ينتقض النفي بإلا، فإذا انتقض بطل عمل " ما "، نحو قوله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ }، وقوله تعالى: {مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا }، فـ " محمد " مبتدأ ، و " رسول " خبر .

5 ـ ألا تتكرر "ما"؛ لأن نفي النفي إثبات، نحو: ماما خالدٌ جالسٌ.

ومن الأمثلة التي استوفت فيها " ما " الشروط السابقة قولهم: ما رجلٌ أكرمَ من حاتم، وما محمد أشجعَ من علي، ومنه قوله تعالى: { فَمَا مِنكُم مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }، ومنه قول الشاعر :

                  وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفتى شَرَفًا لَهُ      إذا لم يكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلائِقِ

وقول الآخر :

                  أَبْناؤُها مُتَكَنِّفُونَ أَباهُمُ        حَنِقُو الصُّدُورِ، وما هُمُ أَوْلادَها                     

 الشاهد في الآية قوله تعالى: { مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } من: حرف جر زائد، وأحد: مجرور في محل رفع اسم ما، وحاجزين: خبرها منصوب.

والشاهد في البيتين: "ما الحسن شرفًا"، و"وما هم أولادها" . فـ "الحسن" في الشاهد الأول، والضمير المنفصل "هم" في الشاهد الثاني كل منهما وقع اسـمًا لما النافية العاملة مرفوعا بها، و"شرفًا"، و"أولادها" خبراها منصوبان بها.

 

ثانيا ـ "لا" النافية، وهي إما عاملة، أو غير عاملة

1 ـ "لا" النافية العاملة عمل ليس، وتعرف بلا الحجازية أيضًا، وهي لنفي الوحدة، وتعمل بالشروط الآتية، وإن كان عملها عمل "ليس "على قلة:

أ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، نحو: لا رجلٌ مسافرًا.

ب ـ ألا يتقدم خبرها على اسمها، فلا يجوز أن نقول: لا رجلًا مسافر.

ج ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة، نحو: لا في الدار أحد موجودًا.

د ـ ألا يكون خبرها محصورا بإلا، فلا تقول: لا طالب إلا متفوقًا.

هـ ـ ألا تتكرر، لأن نفي النفي إثبات، وهي لا تعمل إلا في النفي.

ومما سبق نجد أن الشروط المتوفرة في عمل "ما" هي الشروط نفسها المطلوبة في عمل "لا"، ما عدا شرط عدم زيادة "إن" فإنها لا تزاد بعد "لا" أصلًا.

ومن الأمثلة التي استوفيت فيها الشروط:

قولنا: لا رجلٌ أفضلَ من رجل.

ومنه قول الشاعر:  

                  تَعَزَّ فَلاَ شَيء عَلَى الأرْضِ بَاقِيَا           وَلاَ وَزَرٌ مِـمَّا قَضَى اللهُ وَاقِيَا 

الشاهد: فلا شيء باقيَا. لا: نافية تعمل عمل ليس، وشيء: اسـمها مرفوع، وباقيَا: خبرها منصوب.

ومنه قول الآخر:

                  إِذَا الْجُودُ لَمْ يُرْزَقْ خَلاَصًا مِنَ الأذَى         فَلاَ الْحَمْدُ مَكْسُوبًا وَلاَ الْمَالُ بَاقيَا

ومنه قول المتنبي:

                  نَصَرْتُكَ إذْ لا صَاحِبٌ غَيْرَ خَاذِلٍ          فَبُوِّئْتَ حِصْنًا بِالْكُمَاةِ حَصِينَا

والغالب في خبرها الحذف كقول سعيد بن مالك:

مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِهَا       فَأَنَا ابْنُ قَيْسٍ لا بَراحُ

الشاهد: لا براح، فـ"لا" نافية عاملة عمل ليس، وبراح اسمها مرفوع، وخبرها محذوف تقديره: لا براح لي.

2 ـ "لا" النافية غير العاملة، وهي لا تختص بالدخول على الأسماء، وإنما تدخل على الأسماء، والأفعال، كما هو الحال في "ما" غير العاملة، فإذا دخلت على الأسماء بقيت الجملة بعدها مبتدأ وخبرًا، نحو قوله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}، وقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ}، وقوله تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ}.

ويشترط فيها التكرار إذا وليها نعت، نحو قوله تعالى: {زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}، وقوله تعالى: {لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ}.

ومثال دخولها على الأفعال قوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى}، وقوله تعالى: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}، وقوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}.

 

ثالثا ـ لات

هي "لا" النافية زيدت عليها تاء لتأنيث اللفظ، الغرض من زيادتها المبالغة.

وتعمل "لا" عمل "ليس" في بعض المواضع، ويشترط في عملها الشروط الآتية:

1 ـ أن يكون اسمها وخبرها اسمي زمان نحو: ( حين، وقت، ساعة).

2 ـ أن يحذف اسمها، أو خبرها، والغالب حذف اسمها.

نحو قوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، والتقدير: ولات الحينُ حينَ مناص، أي : ليس الحين حين مهرب.

ومنه قول قول الشاعر:

نَدِم الْبُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ         وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ

الشاهد: ولات ساعة. فقد عملت ساعة في الخبر؛ لأنه ظرف زمان، ولكنه ليس بلفظ الحين.

ومنه قول الأعشى:

لاتَ هَنَّا ذِكْرى جُبَيْرةَ أو مَنْ     جاء منها بطائِفِ الأهوالِ

الشاهد: لات هنَّا. وهنَّا: ظرف زمان بمعنى "الحين"، وقد عملت فيه لات النصب خبرًا لها.

رابعا ـ إن

حرف نفي يعمل عمل ليس بقلة وندرة، ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين. نحو: إن معلمٌ حاضرًا.

بل جاز في اسمها التعريف، وفي خبرها التنكير. نحو: إن محمدٌ قائمًا.

وتعمل "إن" بشرط حفظ النفي والترتيب، نحو: إن أحدٌ خيرًا من أحد.

وحفظ النفي لا يكون إلا بعدم انتقاض خبرها بإلا، فإن انتقض أهملت، نحو قوله تعالى: {إِنْ هَـذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}، وقوله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}.

وأما حفظ الترتيب ألا يتقدم خبرها، أو معموله على اسمها. فلا يصح أن نقول: إن موجودًا أخوك، ولا: إن عمله خالد مشكورًا.


أفعال المقاربة والرجاء والشروع

 

     هي: كاد وأخواتها من الأفعال الناقصة، التي تعمل عمل كان، فترفع المبتدأ ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويسمى خبرها .

 

أقسامها: تنقسم كاد وأخواتها إلى ثلاثة أقسام 

الأول: ما دل على المقاربة، وهي: كاد، وأوشك، وكَرَب. وهذه الأفعال سميت بأفعال المقاربة؛ لأنها تدل على قرب وقوع الخبر. نحو: كاد الوقت يقطعنا، وأشك الماء أن يغيض، وكرب المطر يهطل.

الثاني : ما دل على الرجاء، وهي: عسى، وحرى، واخلولق. وسميت بأفعال الرجاء لأنها تفيد تمني وقوع الخبر. نحو قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ}، ومنه قول هدبة بن خشرم:

عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ      يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ

 ونحو: حرى المسافر أن يعود، ونحو: اخلولق المهمل أن يجتهد.

الثالث: ما دل على الشروع، وهي: جعل، وأخد، وأنشأ، وشرع، وطفق، وعلق، وهبَّ، وبدأ، وابتدأ، وقام، وانبرى.

وتدل هذه الأفعال على البدء في الخبر " العمل "، ويلحق بها كل فعل تضمن معناها، ودل على البدء في العمل، ولا يرفع فاعلا، نحو: شرع المهندسون يخططون الملعب، وأخذ العمال يضعون حجر الأساس، وبدأ الناس يتسابقون في الاحتفال به، وجعل اللاعبون يتدربون بنشاط.

أحكامها: ينطبق على كاد وأخواتها ما ينطبق على كان وأخواتها من أحكام .

 

خبر كاد وأخواتها :

يختلف خبر كاد وأخواتها عن خبر كان وأخواتها؛ لأن خبر كاد لا يكون إلا جملة فعلية فعلها مضارع مسند إلى ضمير يعود إلى اسمها، وبعضها يقترن بأن المصدرية، وبعضها يمتنع اقترانه.

تنقسم كاد وأخواتها من حيث اقتران أخبارها بأن إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ أفعال تقترن أخبارها بـ " أن " كثيرًا، وهي: حرى، واخلولق.

نحو: حرى المسافر أن يعود، واخلولق المطر أن يسقط.

2 ـ أفعال يجوز اقترانها بـ " أن "، وهي: كاد، وأوشك، وكرب، وعسى.

والغالب في خبر (أوشك، وعسى) الاقتران بـ " أن "، نحو : أوشك الغيم أن ينقشع، وقوله تعالى: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}، ومنه قول الشاعر:

         لو سئل الناس التراب لأوشكوا     إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

ومنه قول جرير:

          إذا جهل الشقي ولم يقدر    ببعض الأمر أوشك أن يصابا 

ومنه قول الشاعر:

     عسى الله بعد الناي أن يصقب النوى     ويُجمع شملٌ بعهدها وسرورُ

ويقل اقترانها بـ " أن "، نحو: عسى فرج يأتي به الله، وأوشك المتسابق أن يفوز، ومنه قول هدبة بن الخشرم :

      عسى الكرب الذي أمسيت فيه      يكون وراءه فرج قريب

أما (كاد وكرب) فالغالب فيهما عدم الاقتران بـ " أن "، نحو: كاد اللاعب يسقط على الأرض، ومنه قوله تعالى: {يكاد البرق يخطف أبصارهم }، وقوله تعالى: { وكادوا يقتلونني }.

ومثال اقتران خبر كاد بأن وهو قليل، قول أبي زيد الطائي:

       كادت النفس أن تفيض عليه    إذ غدا حشو ريطة وبرود

ومثال عدم اقتران خبر كرب بأن: كرب الوقت ينصرم، ومنه قول الشاعر:

        كرب القلب من جواه يذوب    حين قال الوشاة هند غضوب

ومثال اقتران خبرها بأن قولهم: " كاد الفقر أن يكون كفرًا "، ومنه قول الشاعر:

       سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما     وقد كربت أعناقها أن تقطعا

3 ـ ما يمتنع اقتران خبره بـ " أن "

تمتنع أخبار جميع أفعال الشروع الاقتران بأن، وعلة عدم الاقتران أن المقصود من هذه الأفعال وقوع الخبر في الحال، و"أن" للاستقبال، فيحصل التناقض باقتران أخبار تلك الأفعال بها.

 

ما ينصرف من هذه الأفعال وما لا ينصرف

من المعروف أن جميع أفعال المقاربة والرجاء والشروع أفعال جامدة لا تتصرف، فلم يسلم منها إلا صيغة الماضي فقط ماعدا: كاد وأوشك، فأنهما يتصرفان، فيؤخذ منهما الفعل الماضي كما في جميع الأمثلة السابقة، وكذلك المضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر.

مثال الماضي من كاد قوله تعالى: { كاد ليظلنا عن آلهتنا }.

والمضارع قوله تعالى: { يكاد البرق يخطف أبصارهم }.

ومنه قول أبي يزيد الأسلمي:

         سريع إلى الهيجا شاك سلاحه     فما إن يكاد قرنه يتنفس

واسم الفاعل: كائد، كقول الشاعر:

         أموت أسى يوم الرجاء وإنني     يقينا لرهن بالذي أنا كائد

واسم المفعول والمصدر منها: مكود، وكودًا، ومكادًا، ومكادة، وكيدًا.

والمضارع من أوشك: يوشك، كقول أمية بن الصلت:

      يوشك من فر من منيته    في بعض غراته يوافقها

والمصدر: موشك، كقول كثير عزة:

       فإنك موشك ألا تراها     وتعدو دون غاضرة العوادي

أما المصدر، واسم المفعول فهما: إيشاك، ومُوشَك، بضم الميم، وفتح الشين،

واسم الفعل: وشكان، مثل: سرعان، وقليل استعمال هذه المشتقات، بل ندر.


إن وأخواتها " الأحرف الناسخة "

عدد الأحرف الحروف الناسخة:

عددها ستة أحرف على الوجه الصحيح، وقد جعلها بعض النحاة خمسة باعتبار أن "إنَّ"، و"أنَّ" حرف واحد، والصحيح أن كلا منهما حرف، ولكل حرف من هذه الأحرف معنى خاص به، وذلك على النحو الآتي:

أولا: إنَّ وأنَّ : يفيدان التوكيد، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ}، وقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، ومنه قول الفرزدق:

إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنا       بَيتًا دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ

 ثانيًا: كأن: تفيد التشبيه، نحو: كأن عليًا أسدٌ، ونحو قوله تعالى: {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا}،ـ وقوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّيَاطِينِ}، ومنه قول لبيد:

                                     حُفِزَت وَزايَلَها السَرابُ كَأَنَّها       أَجزاعُ بيشَةَ أَثلُها وَرُضامُها

ثالثًا: لكنَّ: تفيد الاستدراك والتوكيد، نحو: أخوك عالم لكنه بخيل، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}، ومنه قول عمرو بن كلثوم:

نُسَمّى ظالِمينَ وَما ظُلِمنا       وَلكِنا سَنَبدَأُ ظالِمينا

ومثال مجيئها للتوكيد قولنا: لو اجتهدتَ لفزتَ ولكنَّكَ لم تجتهد فلمْ تفز، ونحو: لو زارني محمد لأكرمته ولكنَّه لم يزرني.

رابعًا: ليت: تفيد التمني، وهو طلب ما لا طمع فيه، نحو: ليت الجوَّ دافئٌ، ونحو قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}، وقوله تعالى: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}، ومنه قول الفرزدق:

فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً       فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ

خامسًا: لعل: تفيد الترجي، وهو توقع الأمر المحبوب، نحو: لعلَّ اللهَ يرحمنا، ومنه قوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، وقد ذكر النحاة أنها تفيد التعليل أيضًا، فتكون بمعنى "كي"، نحو قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، والمعنى في الآيتين: لكي تعلموا معانيه، وكي ترحموا، وتفيد الإشفاق نحو: لعل المريض مشرف على نهايته، ومنه قوله تعالى: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ}، وقوله تعالى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}.

عمل الحروف الناسخة

تدخل على الجملة الإسمية فتنصب الاسم، ويسمى اسمها، وترفع الخبر، ويسمى خبرها، نحو قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}.

إنَّ: حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل.

الساعة: اسم إن منصوب بالفتحة.

آتية: خبر إن مرفوع بالضمة.

شروط عمل الحروف الناسخة

1 ـ ألا يكون اسمها مما له الصدارة في الكلام.         2 ـ ألا تتصل بـ "ما" الكافة.

أولا: ألا يكون اسم تلك الحروف من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام، كأسماء الاستفهام، والشرط: مَنْ، مَا، مَهمَا، كيف، كيفما، أين، أينما، متى ... إلخ.

ثانيًا: اتصال "ما" الكافة بــ "إنَّ" وأخواتها:

من شروط عمل "إنَّ" وأخواتها ألا تتصل بها "مَا" الحرفية الزائدة، فإذا اتصلت بها كفتها عن العمل، وزال اختصاصها في الدخول على الجمل الاسمية، وتصبح صالحة للدخول على الجمل بنوعيها اسمية كانت أم فعلية، ما عدا "ليت" فإنه يجوز فيها إذا اتصلت بها "ما" أن تعمل في الجملة الاسمية، أو لا تعمل، نحو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمالُ بالنيات"، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، وقوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}، قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}، وقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ}، وقوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}، ونحو: لعلَّمَا المريضُ يشفى، ولعلَّمَا ينظر في الأمر، ونحو: الجو دافئ لكنما الأمطارُ غزيرةٌ.

أما "ليت" فيجوز في "ما" أن تكفها عن العمل، أو لا تكفها كما ذكرنا آنفا، نحو قول الشاعر:

قالَت أَلا لَيتَما هَذا الحَمامُ لَنا       إِلى حَمامَتِنا وَنِصفُهُ فَقَدِ

فيجوز في قولها "هذا الحمام" أن يكون اسم الإشارة في محل نصب اسم ليت في حال إعمالها، والحمام بدل من اسم الإشارة منصوب، ويجوز أن يكون "هذا" في محل رفع مبتدأ في حال كانت (ما) كافة، والحمام بدل مرفوع.

 أنواع خبر الأحرف الناسخة

يأتي خبر الأحرف الناسخة مثل خبر المبتدأ، وهو على ثلاثة أنواع:

1 ـ خبر مفرد: وهو ما ليس جملة ولا شبه جملة، نحو: محمد مجتهد، والطالبان فائزان، والمعلمون قادمون، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}، وقوله تعالى: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}، فالخبر في الأمثلة السابقة جاء مفردًا سواء أكان بلفظ الواحد، أم المثنى، أم الجمع.

2 ـ جملة بنوعيها:

أ ـ جملة اسمية، نحو: إن الحديقةَ أشجارُها باسقةٌ، ولعل العمالَ عملُهم مثمرٌ، ونحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ}، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

ب ـ جملة فعلية: نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}، وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}، وقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، وقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ}.

3 ـ شبه جملة بنوعيها:

أ ـ جار ومجرور، نحو: إن الكتابَ في الحقيبة، ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ}، وقوله تعالى: {إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.

ب ـ ظرف مكان، نحو: ليتك عندي فأكرمك، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.

ج ـ ظرف زمان، نحو: لعل السفر يوم الخميس.

وفي الخبر شبه الجملة نقدر محذوفًا سواء أكان مفردًا ككائن، أو مستقر، أو موجود، أم كان جملة ككان، أو استقر، أو وجد، أو يكون.

 

حكم خبر تلك الحروف ومعموله من حيث التقدم، والتأخر عنها

لا يجوز تقدم خبر الحروف الناسخة عليها، ولا على اسمها، ولا يجوز تقدم الاسم عليها، فلا يصح أن نقول: مسافرٌ إن محمدَ، ولا: إنّ مسافرٌ محمدًا، ولا: محمدًا إن مسافرٌ.

ولكن إذا كان الخبر شبه جملة لزم تقديمه على اسمها وجوبًا إذا كان في الاسم ضمير يعود على بعض الخبر، نحو: لعل في المصنع أصحابَه.

فإذا لم يتصل الاسم بضمير جاز التقديم والتأخير، نحو: لعل محمدَ في انتظارك، ولعل في انتظارك محمدَ، وإن خالدَ عندنا، وإن عندنا خالدَ، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا}.

وأما معمول الخبر فلا يجوز تقديمه على الاسم، فلا يصح أن نقول: إن كتابَك محمدًا آخذٌ .

غير أن بعض النحاة أجاز تقديم معمول الخبر على الاسم إذا كان المعمول شبه جملة، نحو: إنَّ في المدرسةِ عليًّا موجودٌ، ومنه قول الشاعر:

فلا تَلْحُنِي فيها فإنَّ بِحُبِّها        أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمَّ بَلَابِلُه

الشاهد في البيت قوله: فإن بحبها أخاك مصاب، فقدم معمول الخبر "بحبها" على اسمها "أخاك". والتَّقْدِير: فإن أَخَاكَ مُصابُ القلْبِ بِحُبِّها.

أما تقدم المعمول على الخبر فكثير، نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

 

حكم حذف الحرف الناسخ ، وحذف أحد معموليه ، أو حذف الحرف ومعموليه

أولا: لا يصح حذف الحرف الناسخ وبقاء معموليه، إذ لا يصح أن نقول: محمدًا مجتهدٌ، بنصب "محمدًا" على اعتبار أنه اسم "إنَّ" المحذوفة، و"مجتهدٌ" خبرها مرفوع، لعدم وجود القرينة على حذفه، غير أنه جاز حذفه مع معموليه لدلالة القرينة عليه، كما في قوله تعلى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}، والتقدير: تزعمون أنهم شركائي. 

ثانيا: يجب حذف خبرها في موضعين:

أ ـ بعد قولهم ليت شعري، نحو: ليت شعري هل يعود الغائب، والتقدير: ليتني أشعر بعودته، ونلاحظ أنه لا بد أن يلي تعبير "ليت شعري" استفهامٌ، اسمًا أو حرفًا، ومنه قول جميل:

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً       بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

الشاهد قوله: ليت شعري هل أبيتن ليلة، وحذف منه خبر ليت وجوبا، والتقدير: ليتني أشعر بمبيتي ليلة، وجملة الاستفهام في محل نصب مفعول به لشعري باعتباره مصدرًا.

ومنه قول امرئ القيس:

أَلا لَيتَ شِعري كَيفَ حادِثُ وَصلِها       وَكَيفَ تُراعي وَصلَةَ المُتَغَيِّبِ

 ب ـ أن يكون في الكلام شبه جملة ظرف، أو جار ومجرور. وعندئذ يكون شبه الجملة متعلقًا بمحذوف خبر واجب الحذف تقديره: كائن، أو موجود، نحو: إن الأمر في يدك، ولعل محمدًا عندنا، فالتقدير: كائن في يدك، وموجود عندنا.

ويجوز حذف الخبر إذا دل عليه دليل، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، الشاهد في الآية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ}، حيث حذف خبر "إنّ" جوازًا لدلالة جواب الشرط عليه، وهو قوله تعالى: {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، والتقدير: إن الذين كفروا نذقهم من عذاب أليم، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}، الشاهد قوله: إن الذين كفروا بالذكر، ثم حذف الخبر، وتقديره: معاندون، أو معذبون.

كسر همزة "إنَّ" وفتحها

أولا: كسر همزة "إنَّ"

تكسر همزة إن وجوبًا في كل موضع يمتنع فيه تأويلها مع اسمها ، وخبرها بمصدر، ذلك في المواضع التالية:

1ـ في ابتداء الكلام حقيقة، أو حكمًا (أي: الواقعة بعد ألا الاستفتاحية).

مثال الأول قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.

ومثال الثاني قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}، وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى}،

وفي ابتداء جملة "إنَّ" الواقعة بعد النداء، كقوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا}.

2 ـ في صدر جملة الصلة، نحو: انتصر الذي إنّه مخلصٌ، وجاء الذي إنّه عاقلٌ، ومنه قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}.

3 ـ بعد القول، نحو قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ}، وقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، ويشترط في القول أن يراد به معنى الحكاية، أما إذا أريد به معنى الظن فتحت همزة "إنّ". 

4 ـ أن تقع في صدر الجملة المستأنفة، نحو: يحسبون أني مقصر في عملي إنَّهم لمخطئون، وزعم زيد أنَّه متفوق إنّه لكاذب.

 5 ـ في جواب القسم، ويكثر في ذلك اقتران خبرها باللام، نحو: والله إنك لصادق، ومنه قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ}، وقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ}، وقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.

6 ـ إذا اتصل خبرها بلام الابتداء، ولو سبقها فعل من أخوات ظن (أي: جاءت بعد فعل قلبي علق باللام)، نحو: علمت إن أخاك لمحسن، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}، وقوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، ومنه قول الشاعر:

ألَمْ تَرَ إِنِّي وَابْنَ أَسْوَدَ لَيْلَةً       لَنَسْرِي إلَى نَارَيْنِ يَعْلُوْ سَنَاهُمَا

وقد كسرت الهمزة في الشواهد السابقة ونظائرها؛ لأن اللام إذا وليت (الظن والعلم) علقت الفعل عن العمل، فالفعل (علم) في الآيات السابقة لم يعمل في إنَّ ومعموليها لاتصال خبرها بلام الابتداء، لذا كسرت همزتها، فإن ومعموليها في هذا الموضع لم تؤول بمصدر كما هو الحال عند فتح همزتها .

والشاهد في البيت قوله: ألم تر إني ... لنسري، حيث كسرت همزة "إنَّ" بعد الفعل القلبي "تر" الذي علق عن العمل لاتصال خبر إن بلام الابتداء المزحلقة.

7 ـ أن تقع في صدر جملة الحال مقرونة بالواو، أو غير مقرونة، مثال الأول: زرته وإني لذو أمل في شفائه، منه قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}، ومثال النوع الثاني قوله تعالى: {إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}. 

8 ـ أن تقع مع معموليها في موقع الخبر عن اسم ذات. نحو: الرجل إنّه قادم، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ}.

9 ـ أن تقع مع معموليها في موقع الصفة لما قبلها، نحو: جاء طالب إنه مهذبٌ، وهذا قول إنه حقٌ.

10 ـ أن تقع في محل نصب خبر لكان، نحو: كان الرجل إنه مسافر.

11 ـ أن تقع بعد كلَّا، نحو قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى}، وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}.

12 ـ أن تقع بعد إذ، نحو: وصلت إذ إن أباك يستقل العربة.

13 ـ أن تقع بعد حتى الابتدائية، نحو: غادر الطلاب المدرسة حتى إن المدرسين غادروها.

14 ـ أن تقع بعد حيث، نحو: جلست حيث إنك جالس. والبعض أجاز فتحها.

 

ثانيًا: فتح همزة "أنَّ"

يجب فتح همزة "أنَّ" في كل موضع يصح تأويلها مع معموليها بالمصدر المؤول بالصريح، وتؤول أن مع اسمها وخبرها في المواضع التالية:

1 ـ إذا جاءت مع معموليها في موضع الفاعل، نحو: أعجبني أنك مجتهد. والتقدير: أعجبني اجتهادك. ومنه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ}، وقوله تعالى: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}.

2 ـ في موضع نائب الفاعل، نحو: يخيل لي أن السماء صحو، ومنه قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}.

3 ـ في موضع المفعول به، نحو: ألا تعلم أن البعوض ناقل للعدوى، ومنه قوله تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا}، وقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، وقوله تعالى: {فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ}.

ويشترط في خبرها عدم اقترانه بلام التوكيد كما أوضحنا سابقًا، وإلا كسرت همزتها.

4 ــ في موضع المبتدأ، نحو: في اعتقادي أنك مسافر، ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً}.

5 ــ في موضع الخبر عن اسم معنى، نحو: حسبك أنك مجتهد، اعتقادي أن التجارة رابحة.

6 ـ أو في موضع الخبر لــ "إنَّ" التي جاء اسمها اسم معنى، نحو: إن رأيي أنك متواضع.

7 ـ أن تقع بعد القول المتضمن معنى الظن، نحو: أتقول أنك مسافر؟

8 ـ في موضع المجرور بحر الجر، نحو: كافأتك لأنك مجتهد، ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}.

9 ـ إذا وقعت أن ومعموليها بعد (لو) و(لولا)، نحو: أحترمك ولو أنك أصغر مني، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا}، وقوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}.

10 ـ أن يكون المصدر تابعًا لواحدة مما سبق، فمثال العطف قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}، وقوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ}.

ومثال البدل قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا}، فالمصر المؤول بدل اشتمال من طعامه، والتقدير: إلى أنعامنا في طعامه، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}.

 

جواز الفتح والكسر

يجوز فتح همزة "أنَّ" وكسرها في المواضع التي يجوز فيها تأويل "إنَّ" ومعموليها بمصدر مؤول، أو عدم تأويلها، ذلك في المواضع التالية:

1 ـ بعد فاء الجزاء، نحو: من يأتني فإنه مكرم. ومنه قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فقد قرئت الآية: {فإنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } بالوجهين، أي بكسر همزة "إنَّ" وفتحها، فاحتمال الكسر على جعل ما بعد فاء الجزاء جملة تامة، والتقدير: فهو غفور، واحتمال الفتح على تقدير "أنَّ" ومعموليها مصدرا مؤولا في موضع المبتدأ، والخبر محذوف، أو خبر والمبتدأ محذوف، والتقدير: فغفرانه حاصل، أو فجزاؤه حاصل.

2 ـ بعد إذا الفجائية. نحو: خرجت فإذا إن المطر منهمر، جواز الكسر على عدم التأويل، والتقدير: فإذا المطر منهمر. والفتح على جعل "أنَّ" ومعموليها في موضع الرفع على الابتداء، وإذا في محل رفع خبره إذا اعتبرناها ظرفًا، أو الخبر محذوف على اعتبار إذا الفجائية حرفًا، والتقدير: انهمار المطر حاصل، ومنه قول الشاعر:

وَكُنْتُ أَرَى زَيْدًا كَمَا قِيلَ سَيِّداً      إِذَا أَنَّهُ عَبْدُ الْقَفَا وَاللَّهَازِمِ

 الشاهد قوله: إذا أنه، فرواية الكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، وهذا الوجه أحسن؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير، أما رواية الفتح فعلى اعتبار "أنَّ" ومعموليها في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ، وخبره محذوف.

3 ـ بعد لا جرم، وفتح الهمزة أشهر، نحو قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ}. فأن مع معموليها في تأويل مصر مؤول في محل رفع فاعل إذا اعتبرنا جرم فعل ماض بمعنى "حق"، والتقدير: حق حصول النار لهم، أو بمعنى "لابُدَّ" فتكون لا نافية للجنس، وأن ومعموليها فى تأويل مصدر مجرور بمن، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر (لا)، والتقدير: لابد من حصول النار لهم، أو على المفعولية إذا اعتبرنا جرم بمعنى كسب، وفاعلها ضمير مستتر، والتقدير: كسب لهم كفرهم، وفي حالة الكسر تكون "لا جرم" قسمًا، وكسرت الهمزة لوقوعها في جواب القسم، ومنه قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ}.

4 ـ إذا وقعت بعد الواو التالية "هذا" أو "ذا"، نحو قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}، فذلكم خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: الأمر ذلك، والأمر أن الله موهن ... إلخ، وهذا وجه الفتح في همزة "أنَّ"، أما توجيه الكسر فعلى عطف "إنَّ" مع معموليها على الجملة المتقدمة المحذوف أحد جزئيها.

5 ـ جواز الأمرين في مقام التعليل، والكسر أبلغ، نحو: اطلب العلم إنه سبيل النجاح، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فالفتح على كون "أنّ" ومعموليها في محل مصدر مؤول مجرور بلام التعليل، والتقدير: لأنه سبيل النجاح، والكسر على أن التعليل حاصل بجملة "إنّ"  ومعموليها، أي أنها جملة استئنافية.

6 ـ بعد حتى الجارة، أو العاطفة، نحو: بذلت جهدك حتى أنك لم تنِ، ووقفت معه حتى أنك لم تقصر، وعرفت مزاياك حتى أنك فاضل. فالفتح على اعتبار "حتى" جارة، أو عاطفة. والكسر على اعتبارها ابتدائية.

7 ـ جواز الأمرين بعد القسم إذا لم يتصل خبر "إنَّ" باللام، وذكر فعل القسم قبلها. نحو: أقسمت إن محمدًا مسافر، وأقسمت أن محمدًا مسافر. أما إذا ذكر فعل القسم، أم لم يذكر، واتصل الخبر باللام وجب كسر الهمزة، نحو: أقسمت إنك لمخلص، والله إنك لمخلص. وكذلك يجب الكسر إذا حذف فعل القسم، ولم يتصل الخبر باللام، نحو قوله تعالى: {حـم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، ومنه قول الشاعر:

أَوْ تَحْلِفِي بِرَبِّكِ العَلِيِّ       أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكَ الصَبِيِّ

الشاهد في قوله: أني، فهمزة "إنَّ" في هذا البيت تروى بالكسر على جعلها جوابًا للقسم، كما أنها تروى بالفتح على اعتبارها مفعولا به بعد حذف حرف الجر، والتقدير: على أني أبو ذيالك الصبي.

8 ـ أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه، نحو قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}، فجواز الكسر يكون على الاستئناف، أو العطف على جملة "إنَّ" الأولى. وأما جواز الفتح فيكون بالعطف على "أن لا يجوع"، والله أعلم.


"لا" النافية للجنس

 

تعريفها: حرف يعمل للدلالة على نفي الحكم عن جنس اسمها بغير احتمال، لأكثر من معنى واحد.

مثال: لا محاباة في الدين، لا إله إلا الله، لا كافر ناج من النار، ومنه قوله تعالى: {من يضلل الله فلا هادي له}، وقوله تعالى: {لا غالب لكم اليوم من الناس}.

      ومن التعريف السابق يكون قد خرج من حيزها " لا " التي لنفي الوحدة العاملة عمل ليس، لأنها لا تنفي الحكم عن جميع أفراد اسمها، نحو : لا كرسيٌ في الفصل ، ولا قلمٌ في الحقيبة، وهذا يعني أن في الفصل أكثر من كرسي ، وأن في الحقيبة أكثر من قلم. غير أن الحكم لم ينتف عن جميع أفراد الجنس الواحد ، لذلك كانت " لا " النافية للوحدة تحتمل لأكثر من معنى ، وقد ورد عن بعض النحاة أن عمل " لا " النافية للوحدة فيه شذوذ .

عمل " لا " النافية للجنس:

      تعمل " لا " عمل " إن " وأخواتها ، فتنصب الاسم ويسمى اسمها، وترفع الخبر ويسمى خبرها، ومنه قوله تعالى: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}، وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "لا أحد أغير من الله"، ومنه قول عمرو القنا :

                   لا قَومَ أَكرَمُ مِنهُم يَومَ قالَ لَهُم       مُحَرِّضُ المَوتِ عَن أَحسابِكُم ذودوا

شروط عملها :

       لعمل " لا " النافية للجنس عدة شروط هي :

 1 ـ أن يكون حكم النفي بها شاملا جنس اسمها كله ، وأن تكون نافية أصلا، نحو قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، وقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}، ومنه قول عبد الله بن الحشرج:

رأيتُ الفتَى يَفْنَى وتَبْقَى فِعَالُه    ولا شَيءَ خَيرٌ في الحَدِيثِ مِن الحمْدِ

فإذا لم يكن النفي مستغرقًا لجميع أفراد جنس اسمها، أو لم تكن نافية أصلا، بطل عملها، وتكون حينئذ اسما بمعنى "غير" ، أو زائدة.

ومثال مجيئها اسما بمعنى غير: عاقبت المهمل بلا رحمةٍ.

والدليل على اسميتها قبولها حرف الجر.

الإعراب: عاقبت المهمل بلا رحمة. 

عاقبت: فعل وفاعل.  المهمل: مفعول به.  بلا: جار ومجرور، لا: مضاف، رحمة: مضاف إليه مجرور .

وتقدير المعنى : بغير رحمة .

ومثال الزائدة : قوله تعالى في مخاطبة إبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ}.

 ما: استفهامية في محل رفع مبتدأ، منعك: فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية في محل رفع خبر. ألا: أن حرف مصدري ونصب، ولا زائدة صلة لتأكيد معنى النفي. تسجد: فعل مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه الفتحة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف جر محذوف، والتقدير: ما منعك من السجود، وشبه الجملة السابق متعلق بالفعل "منع" على اعتبار أنه مفعول به ثان.

2 ـ أن يقصد بنفيها التنصيص، لا الاحتمال، فإذا لم تفد في حكم نفيها عن الجنس التنصيص، أو الاستغراق، كانت " لا " نافية للوحدة، عاملة عمل "ليس" كما بينا سابقا. نحو : لا لاعب في أرض الملعب، ومنه قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ}.

3 ـ ألا تتوسط بين عامل ومعموله، بمعنى: ألا تكون مسبوقة بعامل قبلها يحتاج لمعمول بعدها، كحرف الجر، بل لابد أن يكون لها لصدارة في الكلام، فإن وقعت غير ذلك بطل عملها، نحو: حضرت إلى الدر بلا تأخير. ومنه قول الشاعر:

مُتارَكَةُ اللَئيمِ بِلا جَوابٍ       أَشَدُّ عَلى اللَئيمِ مِنَ السِبابِ

الشاهد: بلا جواب، فقد توسطت "لا" بين حرف الجر ومجروره كلمة "جواب".

4 ـ تنكير اسمها وخبرها، فإن لم يكونا نكرتين، أهمل عملها، وكررت، وعندئذ لا تكون من أخوات "إن"، ولا تعمل عمل ليس، وتكـون الجملة بعدها مبتدأ وخبرًا، نحو: لا الغني مرتاح ولا الفقير مرتاح، ومنه قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ}، وقوله تعالى: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ}.

5 ـ عدم الفصل بينها وبين اسمها، فإذا فصل بينهما أهمل عملها ووجب تكرارها أيضا. نحو: لا فيها إنس ولا جن. ومنه قوله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}. كما أنه لا يجوز تقدم خبرها، أو معموله على اسمها، فإذا تقدم أحدهما أهمل عملها. نحو: لا لفاشل نجاح في الحياة.

ومثال تقدم معمول الخبر: لا وطنه مواطن ناسٍ، ولا علمه عالم مهمل.

حكم اسم " لا " النافية للجنس

ينقسم اسم " لا " النافية للجنس إلى:

1 ـ اسم مفرد: وهو الاسم الذي لا يكون مضافًا، ولا شبيهًا بالمضاف، ويكون مبنيًا دائمًا في محل نصب. نحو: لا خائن محبوب. ومنه قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، ونحو: لا مهملين ناجحان. ولا مقصرين فائزون. ولا خائنات محبوبات.

فخائن: اسم لا مبني على الفتح في محل نصب، ومهملين: اسم لا مبني على الياء لأنه مثنى في محل نصب، ومقصرين اسم لا مبني على الياء لأنه جمع مذكر سالم، وخائنات اسم لا مبني على الكسر لأنه جمع مؤنث سالم، كما يجوز في جمع المؤنث السالم الواقع اسمًا لـ " لا " أن يبنى على الفتح، نحو: لا مهملاتَ مشكورات.

2 ـ الاسم المضاف: وهو ما أضيف لاسم بعده، وحكمه: واجب النصب. نحو: لا طالب علم مذموم، ولا طالبي علم مذمومان، ولا طالبي علم مذمومون، ولا طالبات علم مذمومات. ومنه: لا ذا حلم متسرع.

فطالب: اسم لا منصوب بالفتحة، وطالبي: اسم لا منصوب بالياء لأنه مثنى، وطالبي: اسم لا منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وطالبات: اسم لا منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم، وذا: اسم لا منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة.

3 ـ الشبيه بالمضاف: وهو كل اسم تلاه اسم آخر يتمم معناه، ويستفيد منه معنى الإضافة. حكمه: واجب النصب. نحو: لا طالعا جبلا موجود، ولا طامعا في الجنة كافر.

فـ " طالعًا ، وطامعًا" أسماء لا النافية للجنس منصوبة بالفتحة.


" ظن وأخواتها "

من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر "ظن، خال، حسب، زعم، عد، حجا، هب"، وتسمى أفعال الرجحان، لكونها ترجح اليقين على الشك.

1_ ظن: نحو: ظننت الجو معتدلا، ومنه قوله تعالى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}، وقوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}، وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}.

وتأتي ظن بمعنى اتهم فتنصب مفعولا واحدًا. نحو: سُرق لي كتابٌ فظننت محمدًا، أي: اتهمته.

2_ خال : نحو : خلت الكتابَ جديدًا.

فإذا جاءت بمعنى اشتبه، تعدت لمفعول به واحد. نحو: خالت على أحمد الأمور.

 3_ حسب، نحو: حسبت الأمر هينا. ومنه قوله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ}. وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً}. وقوله تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا}.

أما إذا جاءت بمعنى عدَّ فلا تتعدى إلا لمفعول به واحد، وتكون مفتوحة السين. نحو: حسَبْتُ الدراهم. بمعنى: عددتها.

4_ زعم : تأتي بمعنى ظن. نحو: زعمت الدرس سهلا. ومنه قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}.

ويلاحظ أن المصدر المؤول من أن ومعموليها قد سد مسد مفعولي زعم.

 5_ عد: بمعنى ظن، نحو: عددتك صديقًا وفيًّا. ومنه قول النعمان بن بشير الأنصاري:

فَلا تَعدُدِ المَولى شَريكَكَ في الغِنى       وَلَكِنَّما المَولى شَريكُكَ في العُدمِ

فالمولى، وشريك مفعولان للفعل تعدد.

فإن لم تكن بمعنى ظن نصبت مفعولا به واحدًا. نحو: عددت النقود.

 6_ حجا: وتفيد رجحان وقوع الشيء.  كقول تميم بن أبي مقبل:

قَدْ كُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخاً ثِقَةً       حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْماً مُلِمَّاتُ

فـ " أبا" و"أخا" مفعولان لـ "أحجو" مضارع حجَا.

 7_ هبْ: فعل أمر بمعنى ظن. نحو: هب محمدًا أخاك.

فإن كانت بمعنى وهب، أو أعطى نصبت مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.

نحو: هِب الفائزَ جائزة. وهي حينئذ بكسر الهاء.

وإن كانت بمعنى الخوف والهيبة، اقتصرت على مفعول به واحد.

نحو: هب المعلم. أي: اخش المعلم وهبه.


الأفعال المتعدية لثلاثة مفاعيل: أعلم، أرى ـ

      من الأفعال المتعدية لثلاثة مفاعيل: أعلم ـ أرى ـ حدَّث ـ نبَّأ ـ أنبأ ـ خبَّر ـ أخبر .

تنقسم الأفعال السابقة إلى قسمين:

أولا: منها ما يتعدى لثلاثة مفاعيل بوساطة الهمزة التي تعرف بهمزة النقل، أو التعدية وهي الفعلين: أرى، وأعلم.

نحو : أرى والدُكَ زيدًا خالدًا أخاك . ونحو : أعلمت عليًا محمدًا مسافرًا .

فالمفعول الأول من هذه المفاعيل في المثالين السابقين كان في الأصل فاعلا ، وذلك قبل أن يتعدى الفعل بالهمزة ، وأصل الكلام:

رأى زيدٌ خالدًا أخاك . وعلم عليٌّ محمدًا مسافرًا .

ثانيا: أما الأفعال الخمسة الأخرى فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل بلا وساطة، وهي:

1_ حدَّث: نحو: حَدَّثْتُ زيداً بَكْراً مُقيماً، ومنه قول عروة بن حزام:

فَوَاللهِ ما حَدَّثْتُ سِرَّكِ صاحبًا       أَخًا لي ولا فاهَتْ به الشَّفَتانِ

2_ نبَّأ :  ومنه قول النابغة الذبياني :

      نبئت زرعة والسفاهة كاسمها     يهدي إلي غرائب الأشعار

نبئت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء نائب فاعله وهي المفعول الأول في الأصل ، وزرعة المفعول الثاني ، والجملة الفعلية : يهدي ... إلخ في محل نصب المفعول به الثالث .

3_ أنبا : نحو : أنبأت محمدا عليا قادما .

4_ خبَّر : نحو : خبرت الطلاب أن الامتحان غدًا .

5_ أخبر : نحو : أخبرت والدي عليا قادما . ومنه قول العرجي:

ماذا عَلَيكِ وَقَد أَهدَيتِ لِي سَقَماً       وَغابَ زَوجُكِ يَوماً أَن تَعُودِيني

فالتاء في أخبرتني : مفعول أول ، وياء المتكلم فيها : المفعول الثاني ، ودَنِفاً : المفعول الثالث .


الفــاعل

 تعريفه

      اسم مرفوع يأتي بعد فعل مبني للمعلوم ، ويدل على من فعل الفعل. نحو: سافر الحجاج، ونحو: حضر القاضي.

حكمه

يكون الفاعل مرفوعًا دائمًا، غير أنه قد يسبق بحر جر زائد فيجر لفظًا، ويرفع محلا. نحو قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}. وقوله تعالى: {وكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}.

أنواعه

ينقسم الفاعل إلى ثلاثة أنواع:

1_ اسم ظاهر. نحو: سافر الحجاج.

2 ـ ضمير بأنواعه:

أ_ متصل، نحو: عاقبت المسيء. فــ "التاء" في "عاقبت" ضمير متصل في محل رفع فاعل،

ب_ مستتر، نحو: محمد سافر، والتقدير: سافر هو.  فــ"هو" ضمير مستتر في الأصل في محل رفع فاعل.

3_ أن يكون مؤولا:

أ_ أن يكون مؤولا من حرف مصدري والفعل، نحو قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}، وتقدير الفاعل المصدر المؤول بالصريح " خشوع " .

ب_ أن يكون مؤولا من أن ومعموليها، نحو: أعجبني أنَّ النظام مستتب، والتقدير : استتباب النظام .

 

العامل في الفاعل

ينقسم العامل في الفاعل إلى قسمين:

أولا: عامل صريح وهو: الفعل، كما في جميع الأمثلة السابقة.

ثانيا: عامل مؤول وهو على خمسة أنواع:

1_ اسم الفعل. نحو: هيهات التقهقر بعد اليوم.

هيهات: اسم فعل ماض مبني على الفتح بمعنى " بَعُدَ ".

التقهقرُ: فاعل مرفوع بالضمة .

2_ المصدر. نحو: عجبتُ من إهمالِكَ درسَك.

من إهمالك: جار ومجرور، والكاف ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.

درسك: مفعول به منصوب، ودرس مضاف، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت. أي: من أنك أهملت درسك.

3_ اسم الفاعل. نحو: هذا هو الناجحُ ولدُه.

4_اسم التفضيل. نحو: لم أر تلميذًا أجدر به الثناءُ من المجتهد. فـ"الثناء" فاعل لاسم التفضيل "أجدر".

5_ الصفة المشبهة. نحو: محمد حسن وجهه. فـ "وجهه" فاعل للصفة المشبهة "حسن".

 

أحكام الفاعل

للفاعل ثلاثة أحكام هي:

1_ لا يتقدم الفاعل على فعله، فلا يجوز أن نقول في "قام أخوك" أخوك قام، ولكن نقول أخوك قام هو، على اعتبار أن "هو" ضمير مستتر في محل رفع فاعل لقام، والجملة الفعلية في محل رفع خبر للمبتدأ "أخوك".

2_ لا يثنى الفعل مع الفاعل المثنى، ولا يجمع مع الفاعل الجمع. فلا يصح أن نقول مثلا: جاءا الطالبان، بل نقول: جاء الطالبان؛

لأنه لا يصح أن يأخذ الفعل فاعلين الأول: ألف الاثنين، والثاني: الطالبان.  

وكذلك لا يصح أن نقول: صافحوا المدرسون مدير المدرسة. بل نقول: صافح المدرسون مدير المدرسة.  

وما ينطبق على التثنية ينطبق على الجمع.

3_ إذا كان الفاعل مؤنثًا لحق عامله علامة التأنيث الساكنة إن كان العامل فعلا ماضيًا. نحو: قامتْ هندُ، وحضرتْ فاطمةُ.

أو علامة التأنيث المتحركة إذا كان عامله وصفًا مشتقًا. نحو: محمد قائمة أمّه.

 

وجوب تأنيث الفعل مع الفاعل

يجب تأنيث الفعل مع الفاعل في موضعين:

1 ـ إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقي التأنيث ظاهرًا متصلا بفعله المتصرف، وسواء أكان مفردًا، أم مثنى، أم جمع مؤنث سالما.

نحو: ذهبت آمنة إلى السوق. ومنه قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي}، وقوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ}، ومنه قول كعب بن زهير:

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ       مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ

2 ـ أن يكون الفاعل ضميرًا عائدًا على مؤنث حقيقي التأنيث، أو مجازي التأنيث. نحو: مريم قامت، والتقدير: قامت هي. ونحو: الشمس أشرقت، والتقدير: أشرقت هي. ومنه قوله تعالى : {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}، وقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}.

 

جواز تأنيث الفعل مع الفاعل

يجوز تأنيث الفعل مع الفاعل في المواضع الآتية:

1 ـ إذا كان الفاعل المؤنث اسمًا ظاهرًا مجازي التأنيث. نحو: طلعَتْ الشمسُ، وطلعَ الشمسُ. والوجه الأول أحسن لغلبة معنى التأنيث على الفاعل "شمس". ومنه قوله تعالى: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ}.

2 ـ أن يكون الفاعل اسما ظاهرًا حقيقي التأنيث، منفصلا عن فعله بغير "إلا". نحو: حضرت إلى القاضي امرأة، ويجوز: حضر إلى القاضي امرأة.

أما إذا فصل بين الفاعل المؤنث الحقيقي التأنيث وفعله بـ "إلا" فلا تدخل على فعله التاء. نحو: ما نجح إلا فاطمة.

3 ـ يجوز التأنيث مع الفاعل المؤنث إذا كان فعله جامدًا. نحو: نِعْمَت المرأة عائشة، ونِعْمَ المرأة عائشة. والوجه الثاني أحسن، وهو عدم إلحاق التاء بالفعل الجامد، لأن الألف واللام في الفاعل للجنس، والجنس ليس له تأنيث حقيقي، وإثبات التاء أفصح.

4 ـ إذا كان الفاعل جمع تكسير لمؤنث، أو مذكر، أو كان الفاعل ضميرًا يعود على جمع تكسير.

مثال جمع التكسير لمذكر، أو مؤنث: (قالت الرواة، وقال الرواة)، (جاءت النساء، وجاء النساء). والأحسن التأنيث مع المؤنث، والتذكير مع المذكر.

مثال الفاعل ضميرًا يعود على جمع تكسير: الرواة قالت. والرواة قالوا. والرجال جاءت، والرجال جاءوا.

5. إذا كان الفاعل اسم جنس جمعي، أو اسم جمع.

ومثال اسم الجنس الجمعي: أورقت الشجر، وأورق الشجر.

ومثال اسم الجمع: جاء القوم ، أو جاءت القوم .

6 ـ إذا كان الفاعل ملحقًا بجمع المذكر، أو المؤنث السالمين.

ومثال الملحق بجمع المذكر السالم: جاءت البنون، وجاء البنون.

ومثال الملحق بجمع المؤنث السالم: وضعت أولات الحمل، ووضع أولات الحمل.

أما جمع المذكر السالم فلا يجوز معه اقتران الفعل بالتاء. إذ لا يصح أن نقول: قامت المعلمون.

ويجوز اقتران الفعل بالتاء، أو عدم اقترانه إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالم. نحو: وصلت الطالبات إلى المدرسة مبكرات. ووصل الطالبات إلى المدرسة مبكرات. فالتأنيث يكون على إرادة الجماعة، والتذكير على إرادة الجمع. ومنه قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ}

7 ـ إذا كان الفاعل مذكرًا مجموعًا بالألف والتاء. نحو:  طلحة، طلحات، ومعاوية، معاويات، نقول: فازت الطلحات، وفاز الطلحات، والتذكير أفصح.

8 ـ إذا كان الفاعل ضميرًا منفصلا لمؤنث. نحو: إنما ذهب هي، وإنما ذهبت هي. والأحسن ترك التأنيث.

 

تقديم الفاعل وتأخيره على المفعول به

أولا: يجب تقديم الفاعل على المفعول به في أربعة حالات:

1 ـ إذا التبس إعراب الفاعل، والمفعول به لانتفاء الدلالة على فاعله الأول، ومفعوله الثاني. نحو: ضرب عيسى موسى، وأكرم أبي صديقي.

2 ـ إذا كان الفاعل ضميرًا متصلا، والمفعول به اسمًا ظاهرًا. نحو: أكلنا الطعام، وشربنا الماء.  

3 ـ إذا كان المفعول به محصورًا بإلا، أو بإنما. نحو: ما كافأ المعلم إلا المجتهد. ونحو: إنما أكرم عليٌّ محمدًا.

4 ـ إذا كان الفاعل، والمفعول به ضميرين متصلين. نحو: عاقبته، كافأته، أحببته.

ثانيا: يجب تقديم المفعول به على الفاعل في ثلاث حالات:

1 ـ إذا كان المفعول به ضميرًا متصلا، والفاعل اسمًا ظاهرًا. نحو: شكره المعلم، ساعده القويّ. ومنه قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ}.

2 ـ إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به. نحو قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ}. فلو قدمنا الفاعل "ربه" لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهذا غير جائز، إذ لا يصح أن نقول: أصلح الساعة صاحبها.

3 ـ إذا كان الفاعل محصورا بـ "إلا" أو بـ "إنما". نحو: ما قطف الثمر إلا الحارس. ونحو: إنما ضرب محمدًا عمرو.

 

وجوب تقديم المفعول به على الفعل والفاعل

يجب تقديم المفعول به على الفعل ، والفاعل معا في ثلاث حالات:

1 ـ إذا كان المفعول به له الصدار في الكلام، كأسماء الشرط والاستفهام. نحو قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.

ومثال الاستفهام: من اصطحبت في رحلتك؟

أو كان مضافًا إلى ما له الصدارة في الكلام. نحو : ورقة من صححت .

أو كان المفعول به "كم"، و "كأين" الخبريتين. نحو: كم صدقةٍ أنفقت، وكأين من حسنةٍ فعلت.

2 ـ إذا كان المفعول به ضميرًا منفصلا. نحو قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.

إياك: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.

نعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: نحن.

3 ـ إذا كان الفعل العامل في المفعول به واقعًا بعد الفاء الرابطة في جواب "أمّا"، وليس للفعل مفعول به آخر. نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}.

 

حذف الفعل

يحذف الفعل في موضعين:

الأول: واجب الحذف، وذلك إذا كان مفسرًا بما بعد الفاعل من فعل، ويكون ذلك بعد: إذا، وإن، ولو.  

نحو قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}.

ونحو قوله تعالى: {إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}.

ونحو: لو الحارس تيقظ ما تمكن اللصوص من السرقة.

الثاني: جائز الحذف. نحو قولك: خالدٌ، جوابًا لم سأل: من قرأ الدرس؟ ومنه قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.  


نائب الفاعل

تعريفه

اسم مرفوع يأتي بعد فعل غير معروف فاعله، أو بعد شبهه الفعل _ (أي: اسم المفعول والاسم المنسوب) _ ويحل محل الفاعل بعد حذفه. وسُمي نائب الفاعل كذلك؛ لأنه سد مسدّ الفاعل بعد حذفه، وناب عنه في العمل.

العامل في نائب الفاعل :  

ينقسم العامل في نائب الفاعل إلى قسمين:

1_ عامل صريح وهو الفعل المبني للمجهول، مثال ما يقع بعد فعل غير معروف فاعله قوله تعالى  {قُتِلَ الـخَـــرَّاصُونَ}. فــ"الخراصون" نائب للفاعل، وفعله مبني للمجهول "قُتِل".

2_ عامل مؤول ويشمل: اسم المفعول، والمنسوب إليه.

مثال ما يقع بعد شبه فعل – اسم المفعول : جاء المحمودُ خُلُقُه. فــ "خُلُقُه" نائب فاعل لاسم المفعول "محمود". ونحو: هذه أسرة مهذب أبناؤها. والتأني محمود عواقبه.
مثال ما يقع بعد اسم منسوب: حَضَرَ العربيُّ أبوه. ف"أبوه" نائب فاعل لـلمنسوب "العربي". ونو: هذا رجل ريفي طبعه. وهذه فتاة هندية لغتها.

أسباب حذف الفاعل :

أسباب الحذف متعددة، وهي لفظية ومعنوية،

من الأسباب اللفظية:

1_ الإيجاز في العبارة نحو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} أي: كتب الله عليكم القتال.

2_ لإقامة وزن الشعر، كقول عنترة :

       وإذا شربت فإنني مستهلك     مالي وعرضي وافر لم يُكلم

3_ للمحافظة على السجع. نحو : " مَنْ طَابَتْ سَرِيرَته حُمِدَتْ سِيرَته " .

ومن الأسباب المعنوية:

1_ للعلم بالفاعل، نحو قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.

2_ للجهل به نحو : كُسر الزجاجُ، وسُرق المتاع .

3_ للخوف منه أو عليه ، فيستر ذكره . أو قصد إبهامه بأن لا يتعلق مراد المتكلم بتعيّنه، نحو: قُتِل زيدٌ.

حكمه

حكم نائب الفاعل الرفع دائمًا، كما في قولنا: كُسر الزجاجُ.

كُسرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتح مجهول فاعله .

الزجاجُ: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

وقد يجر نائب الفاعل بحرف جر زائد، فيكون مجرورًا لفظًا مرفوعًا محلا. نحو: ما كوفئ من طالب. ونحو: ما عُرِف مِنْ شيءٍ عن الجريمة.

ما: حرف نفي مبني على السكون ، لا محل له .

عُرِفَ: فعل ماضٍ مبني على الفتح مجهول فاعله .
مِنْ: حرف جر زائد
.
شيءٍ: اسم مجرور لفظاً، مرفوع محلاً على أنه نائب فاعل .

عن الجريمة: شبه جملة جار ومجرور .  

كيفية بناء الفعل للمجهول

عند بناء الفعل للمجهول يطرأ عليه التغييرات التالية:

1 ـ إذا كان الفعل ماضيًا ضم أوله، وكسر ما قبل آخره. نحو: كُتِب، قُتِل.

2 ـ فإن كان ثلاثيًا معتل الوسط نحو: قال، وباع، ونام، أو غير ثلاثي نحو: اختار، وانقاد، وانحاز. كُسِر ما قبل الآخر، وقلبت الألف ياءً. نحو: قِيل، بِيع، نِيم، اختِير، انقِيد، انحِيز. ومنه قوله تعالى: {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.

الشاهد في الآية الفعل "قيل"، وفي البيت الفعل "تُحاك"، وعند بناء كلا من الفعل للمجهول يكسر ما قبل آخره، وقلبت ألفه ياء؛ لأنه معتل الوسط بالألف.

3_ وإن كان الفعل ثلاثيًا مزيدًا بحرف الألف على وزن فاعَل ضُم أوله، وقلبت ألفه واوًا، وكُسر ما قبل الآخر. نحو: (قاتل، قوتل) (بايع، بويع)، نقول: بُويع الخليفة. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ}.

4_ وإن كان الفعل مبدوءًا بتاء المطاوعة ضم أوله وثانيه، نحو: تدحرج ـ تُدُحرِج ، تحطم ـ تُحُطِم ، تزلزل ـ تُزُلزِل.

5_ أما إذا كان الفعل مبدوءًا بهمزة وصل ضُم أوله وثالثه، نحو: انطلق ـ اُنْطُلق ، انتصر ـ اُنْتُصر ، استعمل ـ اُستُعمل.

أنواع نائب الفاعل

1 ـ يأتي نائب الفاعل اسما ظاهرا كما في قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}. وقوله تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ}. ومنه قول لبيد :

وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ       وَلا بُدَّ يَومًا أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ

2 ـ ويأتي ضميرًا متصلا، أو منفصلا، أو مستترًا.

مثال المتصل: عُوقبتُ البارحة على إهمالي. ومنه قوله تعالى: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. وقوله تعالى: {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}، وقوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

مثال المنفصل: ما يُكرَّم إلا هو. وما حُرِم إلا أنت.

ومثال المستتر: لن أُهزَم. ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}، وقوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ}، وقوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}.

3_ ويكون مصدرًا مؤولا بالصريح يقع موقع نائب الفاعل، ويعرب إعرابه كما لو كان اسمًا صريحًا. وذلك مع: 

أ_ أن والفعل المضارع، نحو: يُنتَظر أن يثمر عملنا. والتقدير: إثمار.

ب_ أن ومعموليها، نحو: يؤخذ عليك أنَّك متهاون. والتقدير: تهاونك. ومنه قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}.

4_ ويأتي نائب الفاعل جملة، نحو: قيل لا تهملوا واجباتكم، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}، وقوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ}، وقوله تعالى: {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

5_ ويأتي شبه جملة:

أ_ جار ومجرور، نحو: جُلس في الغرفة،  وكقوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}.

ب_ ظرف مكان نحو: أُقيم عندنا. وظرف زمان نحو: سوفر يوم الخميس.

 

ما ينوب عن الفاعل بعد حذفه

ينوب عن الفاعل بعد حذفه كل من المفعول به والمصدر والظرف والجار والمجرور على النحو الآتي:

1_ المفعول به، إذا كان الفعل متعديا لواحد، فإن تعدى لأكثر من مفعول، ناب المفعول به الأول عن الفاعل، وكذلك إذا اشتملت الجملة على مفعول به، ثم مفعول مطلق، لزمت الإنابة المفعول به مادام مقدمًا.

نحو: كسر المهمل الزجاج (الفعل مبني للمعلوم)، نقول في الجملة بعد بنائها للمجهول: كُسِر الزجاج.

ومنه قوله تعالى: { قضي الأمر }، وأصله: قضى الله الأمر.

ونحو: عَلِمْتُ مُحمدًا ناجحًا، نقول بعد بنائها للمجهول: عُلِم محمدٌ ناجحًا. فـ "محمد" في الأصل مفعول به أول، وناجحًا مفعول به ثان، فناب المفعول به الأول عن الفاعل بعد حذفه، وبقي المفعول به الثاني على حاله،

وكذلك إذا اشتملت الجملة على أكثر من مفعولين. نحو: أخبرتُ والدِي عليًا قادمًا. بعد البناء للمجهول نقول: أُخْبِر والدِي عليًا قادمًا.

ومثال اشتمال الجملة على مفعول به ومفعول مطلق: صافحتُ الضيفَ مصافحةً حارةً. نقول بعد بنائها للمجهول: صُوفِح الضيفُ مصافحةً حارَّة. فـ "الضيف" في الأصل مفعول به، و"مصافحة" مفعول مطلق، فناب المفعول به عن الفاعل؛ لأنه مقدم على المفعول المطلق في الجملة.

صُوفِح: فعل ماض مبني للمجهول.

الضيف: نائب فاعل مرفوع بالضمة.

مصافحةً: مفعول مطلق منصوب بالفتحة.

حارةً: صفة منصوبة بالفتحة.

2_ المصدر: ينوب المصدر عن الفاعل بشرط أن يكون مختصًا ومتصرفًا.

أ_ والمختص من المصادر ما دل على:

_ الوصف، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}.

_ أو العدد، نحو: نُظِر في الأمر نَظرتان.

_ أو بالإضافة، نحو: سِيرَ سيرُ الكبار.

ب_ والمتصرف من المصادر، أي: الذي ليس ملازمًا للنصب على المصدرية إذا تأثر بالعوامل اللفظية، لذلك لا يصح لبعض المصادر أن تنوب عن الفاعل لملازمتها المصدرية، وعدم تصرفها مثل: معاذ، وسبحان.

ومثال المختص المتصرف. نحو: اُنْطُلِقَ انطلاقُ السهم.

فإن كان الفعل متعديا لزم مصدره الذي سينوب مناب الفاعل أن يكون مؤولا من أن المصدرية والفعل. نحو: يُستحسن أن تحضر المناقشة. فنائب الفاعل هو: المصدر المؤول بالصريح "حضورك" .

3_ ظرفَا المكان والزمان المختصان المتصرفان.

أ_ المختص: أي غير المبهم، ويكون الظرف مختصًا بـ:

_ الوصف، نحو: جُلِس مكانٌ جميل، وأُتي يومٌ مشرق.

_ الإضافة، نحو: جُلِس أمامُ الباب. وسُهرتْ ليلة الجمعة. وصيم يومُ الخميس.

_ العلمية، نحو: صِيم رمضان، وقُضي شهر جميل في دمشق.

ب_ المتصرف، أي الذي يخرج عن الظرفية، وغير المتصرف هو الملازم للظرفية أو شبهها، فمن الملازمة للظرفية: (حيث، قط، الآن، عوض) والشبيهة بالظرفية المجرورة بـ"من" مثل: (لدن، قبل، بعد، عند).

4_ الجار والمجرور، ويشترط لنيابته ثلاثة شروط:

1_ أن يكون مختصًا، أي: أن يكون مجروره معرفة لا نكرة. فجملة: اقتطعت من المال، تصبح بعد البناء للمجهول: اقتُطِع من المال. فكلمة "المال" معرفة لذلك كان حرف الجر مختصًا، فناب الجار والمجرور مناب الفاعل المحذوف.

2_ ألا يكون حرف الجر ملازمًا لطريقة واحدة، مثل: (مذ، ومنذ) الملازمتين لجر الزمان، ومثل حروف القسم (الواو، والتاء، والباء) الملازمة لجر القسم، ومثل (ربَّ) الملازمة لجر النكرات، ومثل (خلا، عدا، حاشا) الملازمة لجر المستثنى، فهذه الحروف غير صالحة للنيابة.

3_ ألا يكون حرف الجر دالا على التعليل. كاللام ، والباء ، ومن. إذا استعملت إحداها في الدلالة على التعليل، كقول الفرزدق:

يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ       فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ

فنائب الفاعل هنا ليس الجار والمجرور، وإنما ضمير مستتر تقديره: هو، يعود على المصدر: "الإغضاء".

ومثال الجار والمجرور النائب عن الفاعل لتوفر الشروط السابقة فيه:

قُبِض على الجاني، ومُرَّ بمحمد، وفي أوقات الأزمات يستغنى عن الكماليات. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا}.

 

أحكام نائب الفاعل

لنائب الفاعل أحكام الفاعل، وهي باختصار:

1_ لا يحذف عامله إلا لقرينة، ويكون حذفه إما جائزًا، أو واجبًا.

أ_ الحذف الجائز نحو: من جُلِد؟ فنقول: اللِصُّ، جوابًا للسؤال، فـ "اللص" نائب فاعل للفعل المحذوف المبني للمجهول وتقديره: جُلد.

ب_ الحذف الواجب:

وهو أن يتأخر عنه فعل يفسره. نحو قوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ}. فــ "الأرض" نائب فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل "مدت" المتأخر.

أو جاء بعد إذا الفجائية. نحو: خرجت فإذا القاتلُ يُشنق. فــ "القاتل" نائب فاعل لفعل محذوف بعد إذا الفجائية.

2_ تأنيث عامله إذا كان مؤنثًا: (انظره في باب الفاعل) وللزيادة سنذكر بعض الشواهد القرآنية:

أ_ جواز التأنيث، نحو قوله تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}، وقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، وقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}.

ب_ وجوب التأنيث، نحو قوله تعالى: {وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ}، وقوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}، وقوله تعالى: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}.

3_ لا يثنى العامل ولا يجمع مع نائب الفاعل المثنى، أو الجمع.  


الفعل اللازم والفعل المتعدي

 

ينقسم الفعل من حيث اللزوم والتعدي إلى قسمين :

أ ـ الفعل اللازم .     ب ـ الفعل المتعدي .

 

أولا ـ الفعل اللازم

تعريفه وأنواعه :

     هو كل فعل لا يتجاوز فاعله ليأخذ مفعولا به، بل يكتفي بالفاعل.

وهذا النوع من الأفعال مما لا يتعدى فاعله مطلقًا، أي لا ينصب مفعولا به البتة، لأنه لا يتوقف فهمه إلا على الفاعل وحده، ومن هذا النوع الأفعال التالية:

      طال ، حَمُر ، شَرُف ، ظَرُف ، كَرُم ، نهم ، راح ، اغتدى ، انصرف ، حَسُن ، تدحرج ، تمزق ، وسخ ، دنس ، أنكر ، انفلج، احمرّ ، اسودّ ، ابيضّ ، اصفرّ ، اقشعرّ ، اطمأنّ ، احرنجم ، اشمخرّ ، وما شابهها .

ومن أمثلتها: طال الوقت. واحمرّ البلح، وشَرُف الرجل، واغتدت الطير. ونحو قوله تعالى: { وحسن أولئك رفيقا }، وقوله تعالى: { حسنت مستقرا ومقاما }ـ ومنه قول امرئ القيس: 

وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها       بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ

ومن الأفعال ما جاء متعديًا، ولازمًا، وهذا النوع يكثر في الأفعال الثلاثية المكسورة العين _ من باب فَعِلَ _ فإن دلت هذه الفعال على علل وأحزان وأمراض، وأضادها كانت لازمة. نحو: مرض محمد، وسقم الرجل، وحزن علي، وبطر الجائع، وشهب الثوب، وفرح الناجح، وفزع الطفل.

وإن دلت على غير ما سبق جاءت متعدية بنفسها. نحو: ربح محمد الجائزة، وكسب الرجل القضية، ونسي المريض الدواء، وسمع الملبي النداء، وشرب الظامئ الماء.

تعدي الفعل اللازم

يمكن تعديةَ اللازمِ بطريقين:

إما أن تُدْخِلَ عليه همزة التعدية أو تُضعِّفَ ثانيه.

فمن تعدية الفعل اللازم بالهمزة في قولنا: خرجَ اللصُّ، نقول: أَخْرَجْتُ اللصَّ. فاللصَّ مفعول به في الجملة الثانية، وفاعلا في الجملة الأولى.

ومن التعدية الفعل اللازم بالتضعيف في قولنا:خرجَ اللصُّ، نقول: خَرَّجْتُ اللصَّ. فاللصَّ مفعول به في الجملة الثانية، وفاعلا في الجملة الأولى.

ومن الأفعال ما يصح حذف حرف الجر من متعلقها للتخفيف فتتعدى، نحو: سافرتُ مكة، ودخلت المسجد. فـ "مكة ، والمسجد" منصوبان على نية حذف حرف الجر، وأصل الجملة: (سافرت إلى مكة ، دخلت إلى المسجد). ومنه قول جرير:

أَتَمضونَ الرُسومَ وَلا تُحَيَّا       كَلامُكُمُ عَلَيَّ إِذاً حَرامُ

     وكذلك يكون الحذف مع أن المصدرية وفعلها، وأن المشبهة بالفعل ومعموليها. نحو: طمعت في أن أراك، وطمعت أن أراك.

ونحو: عجبت من أنك انقطعت عنا، وعجبت أنك انقطعت عنا.

ثانيا ـ الفعل المتعدي

 تعريفه

كل فعل يتجاوز فاعله ليأخذ مفعولا به واحدًا أو أكثر، إذ إن فهمه لا يقف عند حدود الفاعل، بل لا بد له من مفعول به ليكمل معناه بلا وساطة. نحو: أكل الجائع الطعام، وكسر المهمل الزجاج.

أنواعه

ينقسم الفعل المتعدي إلى ثلاثة أنواع:

1 ـ فعل يتعدى إلى مفعول به واحد . وهذا النوع من الأفعال يكتفي بمفعول به واحد، نحو: أكلَ الجائعُ الطعامَ.

2 ـ فعل يتعدى إلى مفعولين ، وهذا النوع من الفعال ينقسم بدوره إلى قسمين :

أ ـ ما يتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر: (ظن وأخواتها) وسبق الحديث عنها

ب ـ ما يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر . (كسا ، ألبس ، سأل، أعطى ، أطعم ، سقى ، علَّم، زوَّد ، منح)

3 ـ فعل يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: (أعلم وأرى) وسبق الحديث عنهما

 

الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر

 من الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر الآتي:

1_ كسا، نحو: كسوت البائسَ ثوبًا. ومنه قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا}. وقوله تعالى: {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا}.

وقد جاء متعديًا إلى واحد،  كقول الشاعر :

وَأَركَبُ في الرَوعِ خَيفانَةً       كَسَى وَجهَها سَعَفٌ مُنتَشِر

فـ " كسا " بمعنى غطى، فتعدى إلى واحد .

2_ ألبس، نحو: ألبس الأب ابنَه ثوبًا.

3_ سأل، نحو: سأل الفقيرُ الغنيَّ مالا . ومنه قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا}. وقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}. وقوله تعالى: { فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ }.

4_ أعطى، نحو: أعطيتُ الفقيرَ مالًا. ومنه قوله تعالى: { قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ }.

5_ أطعم، نحو: أطعمْتُ الجائعَ خبزَا. ومنه قوله تعالى: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا }.

6_ سقى، نحو: سقيتُ الظامئَ ماءً. ومنه قوله تعالى: { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا }.

7_ علَّم، نحو: علَّمتُ الطالبَ درسَا. ومنه قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}. وقوله تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}. وقوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }.

فـ " الإنسان " مفعول به أول و " ما " الموصولة في محل نصب مفعول به ثان .

8_ زوَّد، نحو: زوَّدْتُ المسافرَ قوتًا.

9_ منح، نحو: مَنحتُ اليتيمَ مالًا.

      من جميع الأمثلة السابقة نلاحظ أن ما تعدت إليه الأفعال من مفاعيل لم يكن أصله المبتدأ والخبر ، لأننا إذا فصلنا الفعل الناقص عن بقية الجملة ، نجد أن الجملة لا تعطينا مدلول الابتداء ، والإخبار ، لأنها ناقصة المعنى ، ويكمل معناها بإدخال الفعل عليها ليعمل في ركنيها النصب.


آخر تحديث
10/18/2012 8:42:55 PM